الأحد، 17 سبتمبر 2017

الاشكالية الاولى : السؤال بين المشكلة والاشكالية

المشكلة الاولى : السؤال والمشكلة



الإشكالية الأولى:     السؤال و المشكلة
 المشكلة الأولى:السؤال والمشكلة   
 تقديم خاص لهذه الإشكالية: 
يجب أن يدرك الطالب الأهمية المتميزة لهذا المطلب الذي يفتتح به التعامل مع مادة الفلسفة.  و إن لم نجد في البرنامج الجديد درس المدخل إلى الفلسفة، فبحكم اعتماده لطريقة المقاربة بالكفاءات، نجده متحققا في هذه الإشكالية، و فق منهج المقاربة. إنه يكسب الطالب الكفاءة المناسبة للتعاطي مع التفكير الفلسفي. 
إن الإحاطة بمفاهيم كالسؤال و المشكلة و الإشكالية و العلاقات الممكنة بينها، هي اكتساب الكفاءة للتعاطي مع الفلسفة، و خاصة تعلقها بالأسئلة و المشكلات و أنواعها…. 
لذا تكون هذه الكفاءة ضرورية في التعرض لكل محتوى البرنامج. 

  1 ـ تمهيد: قد يبدو لدى الكثير من الناس أنه لا فرق بين مفهوم السؤال و مفهوم المشكلة، لكن إدراكنا لتنوع الأسئلة من حيث البساطة و التعقيد من جهة، و من حيث سهولة و صعوبة الإجابة من جهة ثانية، نصل إلى أن الأسئلة أنواع منها
أ ـ الأسئلة المبتذلة:  هي تلك التي لا تثير في نفس الشخص القلق و الدهشة، و الإجابة عنها تكون بحكم العادة تكون سهلة و دون جهد فكري. كأن نسأل عن:(1+2=؟)، عن اسمنا،…إلخ
ب ـ أسئلة المكتسبات: هي التي تكون الإجابة عنها حسب الاكتساب العلمي و الخبرة المستفادة من الواقع المشترك
ج ـ الوضعيات العملية: يكون فيها المخرج على قدر النجاح العملي. (حين يقع شخص في مأزق، فالمطلب هو كيفية الخروج الناجحة…) 
د ـ الأسئلة الانفعالية: تولد معاناة نفسية و فكرية لدى الفرد بسبب تعقدها و تعلقها بأكثر من وضعية أو موضوع. ( في موضوع زرع الأعضاء يجد المسؤول نفسه أمام قضايا متشعبة لارتباط الموضوع بالطب، الدين، علم النفس….إلخ) لذلك تختلف مقاييس الإجابة من حالة إلى أخرى، كما قد تجتمع الأحكام المتضادة كالشر و الخير… 
و بالنسبة إلى نوع الأسئلة التي تتطلب تفكيرا ما و إجابة يكون إما بتجاوز التناقض و إشباع الفضول العلمي، و قد ينتهي الأمر إلى إثبات خطأ فكرة أو إرساء حقيقة أخرى
و يبقى لنا فقط أن نميز بين كل من السؤال العلمي و السؤال الفلسفي
 2 ـ السؤال العلمي و السؤال الفلسفي: 
السؤال العلمي: يتميز السؤال العلمي من حيث أن موضوعه الظاهرة الطبيعية (القابلة للملاحظة)    و الذي يقتضي التخصص و التجزئة (تحديد و فصل الموضوع ) و ما يتعذر على ذلك يكون حله بواسطة التجريب. الغاية منه البحث عن السبب القريب أو المباشر
السؤال الفلسفي: موضوعه الميتافيزيقيات (الماورائيات)، متسامي عن الحالات الجزئية، الغاية هي البحث عن العلل الأولى  و تكون الإجابة بفضل النظر (الاستدلال) العقلي (الحكمة) و ليس التجريب
 3 ـ متى لا يكون للسؤال جواب؟ 
يتعذر الجواب حين يبقى السؤال يثير القلق و الحيرة و يتساوى في كل وجهات النظر الصدق     و الكذب في شأن الحالات المتناقضة. و هذا ما لا يتقبله منطق العقل، و تتسق مع قواعد التفكير السليم
و نسوق لك بعض الوضعيات
ـ هل بإمكان حلاق يحلق فقط لمن لا يحلق لنفسه أن يحلق لنفسه؟ 
ـ كاذب يعترف أنه يكذب، هل يجب تصديقه أم تكذيبه؟ 
 في الحالة الأولى نجد أنفسنا أمام المشكلة التالية: أن الحلاق بحكم أنه يحلق فقط لمن لا يحلق لنفسه، إن لم يحلق لنفسه هو، فهو قادر على أن يحلق لنفسه. و في نفس الوقت إن فعل، لا ينبغي أن يحلق لنفسه إن حلق لنفسه
و في الحالة الثانية: فاعتبار الكاذب صادقا ينفي عليه صفة الكذب، و من جهة أخرى إذا اعتبرناه كاذبا في اعترافه فهو صادق في كذبه فهو كاذب
 إذن، مبدئيا لكل سؤال جواب، إلا أن من الأسئلة ما يستعصي الجواب عنها ـ حسب البساطة و التعقد ـ فالأسئلة المربكة و المقلقة هي التي يتناولها الفلاسفة في شأن المواقف التي تمثل إشكالات
 فهل يعتبر كل سؤال مشكلة؟  و هل كل مشكلة سؤال؟ 
قبل الخوض في أي جواب، يجب تحديد مفاصل السؤال و المفاهيم التي يحتويها. فماذا يعني مفهوم السؤال، و ما يعني لفظ المشكلة، لكي ننتهي إلى تبرير أية علاقة بينهما
 ـ السؤال: قد يتراوح معنى السؤال من الطلب و الاستعطاء، إلى موضوع الاختبار أو الامتحان و الفحص، و عند أهل التربية ما تجب الإجابة عنه، أما عند الفلاسفة فالسؤال مشكلة و إشكالية
إذن ما هو المقصود بالمشكلة؟ و ما هو المفصود بالإشكالية؟ 
 ما هي المشكلة؟ 
من معناها اللغوي نفهم أن المشكلة هي ما استعصى أو استحال على الحل و التوضيح من المسائل سواء لالتباس أو تعقد و تفرع فيها. لذلك من المسائل ما مشكلات ما هي معضلات، و منها ما هي قضايا، و الفرق بينها أن المشكلة تختلف عن المعضلة في أن الأخيرة لا ينتهى إلى حلها. و القضية تعني ما يحتاج فيه إلى حكم و فصل بين حدين أو حكمين، أو معطيين أو أكثر
 ما هي العلاقة بين السؤال و المشكلة؟ 
من الإجابات المقدمة في بداية هذا العرض نستطيع أن ندرك التمايز بين السؤال و المشكلة: إن السؤال لا يتضمن بالضرورة مشكلة، و إنما بعض الأسئلة، هي مشكلات. و بعبارة أخرى لا يكون السؤال مشكلة إلا إذا توفرت فيه مجموعة من الصفات التي ستسمو به إلى مستوى السؤال الإشكالي أو المشكلة
 إذا كان من المستحيل أن ترقى الأسئلة المبتذلة إلى درجة المشكلة لأنها خلو من أي أمر يدفعنا إلى بذل جهد قبل تقديم الجواب. فمن الأسئلة مهما تكن استفهامات فهي لا ترقى إلى صف المشكلة
أما عن علاقة المشكلة بالسؤال، قد يبدو لنا هذا الاقتران اللزومي بحيث أن كل مشكلة يجب أن يعبر عنها بسؤال. لكن من المشكلات ما تطرح بغير صيغ الأسئلة.لا تأتي كل مشكلة على صيغة الاستفهام. على سبيل المثال « اجتماع الصدق و الكذب » و « الحرية و الحتمية »… فهي مشكلات من دون أن تكون أسئلة أي استفهامات. هذا من حيث الشكل
و الفرق الآخر نجده في الأثر الذي يتركه السؤال في الذهن على شكل تساؤلات و استفهامات. و هنا تجدر الإشارة إلى تنوع المشكلات بتنوع المطالب. فالمشكلة العملية هي التي تقحمنى في البحث عن التصرف الناجح و التكيفي، و المشكلة العلمية هي التي تزجني في البحث عن تفسير لظاهرة قابلة للملاحظة، أما المشكلة الفلسفية فهي التي تدفعنا إلى البحث عن الحقيقة الميتافيزيقية
و الأسئلة المشكلة يمكن أن تستعصي عن الجواب، كما تعلق بين الإثبات و النفي، و منها ما ينتهي إلى حلقة مفرغة أو طرح بامتناع أو إمساك عن أي جواب…هذه الحالات المقحمة و المربكة… يقال أنها أسئلة تنتظر الجواب.